كاظم الحجاج
من أين اتت؛ ومن أين تعدّدت أوزان شعرنا العربي البدوي؟
وهو سؤال يبدو سهلاً بل طفولياً؛ غير أن الاجابة ليست حاسمة وليست مُرضية حتماً؛ لأن ضيق ومحدودية البيئة العربية-البدوية الأولى سوف تحصره بين مكة ويثرب-ما قبل الاسلام؛ كما تحصره ما بين الخيل والإبل وسيلتين وحيدتين للترحال: كما أن السفر كان في قافلة من ثلاثة مسافرين على الأقل؛ إذ أن سفر الفرد لوحده كان مخاطرة (مضمونة)! وسفر الاثنين كذلك؛ إذ قد يغدر أحدهما بصاحبه-حيث لا شاهد؛ حتى لو كانا أخوين! فكان سفر الصحراء بثلاثة على الأقل! وكان المسافرون متجاورين يتطارحون الحدبث؛ وكان اهتزاز الدواب في سيرها بهم ينغم كلامهم؛ بحسب سرعة السير؛ ومن هنا نزعم أن وزن (الخبب) له صلة بطريقة سير الابل وسير الخيل•ودليلنا على العدد ثلاثة للمسافرين أولاً هو أن أغلب المسافرين القدامى كانوا يتخاطبون بشعرهم: ف”يا صاحبي رحلي”، و”قفا نبك” و”ياصاحبي تقصيا نظريكما”..
والخلاصة أن شعر أجدادنا كان موزوناً مقفى بسبب دابة السفر وطريقة اهتزازها.. وليس بسبب حسهم الموسيقي القديم؛ بل انه حتى تسمية (المعلقات) لم تأت من تعليق قصائدهم على أستار الكعبة؛ بل ربما من تعليق حبال دوابهم عند التوقف.. يرحمهم الله!