العمالة العراقية في الشركات الأجنبية تستغيث

طالب عبد العزيز

في أكثر من مجموعة بصريّة مختصة وغير مختصة الفاعلة على وسائط التواصل الاجتماعي غالباً ما يجري الحديث عن عمل العراقيين في الشركات النفطية الأجنبية، نتناول فيه آلية العمل في حقول الرميلة وغرب القرنة والزبير وغيرها، ويتطرق المختصون الى الظروف المناخية الصعبة، شتاءً وصيفاً وكذلك عن عدم التزام الشركات تلك بقواعد العمل العراقي، المعمول بها والمنصوص عليها بموجب الدستور، فضلاً عمّا يتعرض له هؤلاء من تهديد بالطرد وإدراج أسماءهم بالبلاك ليست، والذي يقضي بحرمانهم من العمل في أي شركة أجنبية أخرى.

  كثيراً ما يتحدث المختصون عن مقارنات غير متكافئة عملياً بين ما يتمتع به العامل ابن البلد ونظيره الأجنبي في بلدان مثل الكويت والسعودية وعموم بلدان الخليج وغيرها، مصرّحين أو هامسين بجملة الحقوق والامتيازات التي يتمتع بها ابن البلد هناك، على خلاف ما يعاني منه العامل العراقي، حتى ليظنّ البعضُ بأنَّ فقرات جولات التراخيص غمطت حقَّ العراقي العامل في الشركات الأجنبية، لصالح نظيره العامل الأجنبي. فيما يذهب غيرُهم الى جملة الامتيازات التي يتمتع فيها أقرانهم الأجانب، بدءاً من هبوط طائراتهم في مطار البصرة، وانتظار رجال شركات الحماية، الذين يرافقونهم الى مقر الشركة، وكذلك العناية الفائقة بهم أثناء تنقلاتهم داخل موقع العمل، فضلاً عن الإسكان والإطعام والكلف المالية العالية التي يتحملها الجانب العراقي لصالحهم، وواضح أنَّ ذلك موضع تذمر وامتعاض العمال العراقيين، إذْ أنَّ احساساً بالدونية يجعلهم يقولون أكثر من ذلك! 

  الغريب أننا لم نسمع من أحدهم يتحدث عن جهة قانونية أنصفت عاملاً عراقياً، كان قد تعرض لسوء معاملة في إحدى الشركات الأجنبية، وهي كثيرة بكل تأكيد، ويتحدث أكثر من واحد بأنَّ أحد العمال في شركة أجنبية أصيب بحادث في العمل، انكسرت يده على أثر ذلك، لكنه اخفى ذلك، كذلك فعلت المجموعة العاملة معه، كي لا يتعرض للطرد! لكنَّ الشركة حين علمت بذلك حققت مع المجموعة تلك، فيما الرجل تحت تهديد الطرد الآن! هناك مخاوف حقيقية عندهم تبلغ حدَّ الرعب من الشكوى والتظلم، فهم صامتون عن كل ما يتعرضون له، لأنَّ الطرد يحرمهم من فرصة العمل والعيش الكريم. القصص التي يرويها هؤلاء العمال كثيرة، وشكواهم لا سامع لها، على الرغم من الظروف الصعبة وطبيعة الطقس التي لا ترحم.

غالباً ما تتأخر الرواتب، والمحاسبون طبقة متنفذة هناك، والكثير من العاملين لا يعرفون حقوقهم في دائرتي الضمان والتقاعد، بل ويجهلون ما يُستقطع منهم، ولا يعلمون أهمْ مضمونون أم لا؟ وهل سيتقاعدون ذات يوم أم لا؟

  غالباً ما تتأخر الرواتب، والمحاسبون طبقة متنفذة هناك، والكثير من العاملين لا يعرفون حقوقهم في دائرتي الضمان والتقاعد، بل ويجهلون ما يُستقطع منهم، ولا يعلمون أهمْ مضمونون أم لا؟ وهل سيتقاعدون ذات يوم أم لا؟ هناك طبقة متحكمة بأمرهم، تخفي عنهم التفاصيل تلك، هم جماعة من الموظفين الوصوليين المنتفعين الأقوياء لأسباب شتى (إداريين ومحاسبين وسواهم) أقاموا علاقات مشبوهة مع الإدارات الأجنبية، ويتعاملون بتعالٍ واحتقار مع طبقة العمال العراقيين، ويمارسون أنواعاً من الإذلال مع هؤلاء المساكين، بعد أنْ اجتمعت بأيديهم سبل الحل والعقد، فهم غير معنيين بأمر أبناء جلدتهم بشيء، وما يصيبهم، في ظل غياب شبه تام لأي سلطة إدارية أو قانونية عراقية.

  يبدو أن الجهات العراقية لا تريد خدش ضمير الشركات الأوربية التي تسيئ التعامل مع العاملين العراقيين لديها، خشية مغادرتها العمل في الحقول العراقية بعد مغادرة بعض الشركات تلك، لسبب أو لآخر، فيما يجري الحديث عن سوء الشركات الآسيوية والصينية بخاصة التي حلت محلها، بما عرف عنها من رداءة فنية، وهو أمر تتردد السلطات العراقية إزاءه اتخاذ أيّ قرار لصالح العمالة العراقية. في دول العالم هناك شيء اسمه الادعاء العام، الجهة التي تدافع عما يتعرض له الفرد من ظلم، وهي موكلة بحمايته، وهناك لجنان فدرالية وبرلمانية ومحلية يتوجب عليها التدخل اليوم قبل الغد، لأنَّ ما يتعرض له العامل العراقي في الشركات الأجنبية لا يمكن السكوت عنه.

  تسعى المادة لتكون دعوة مخلصة لزيارة العاملين في الحقول النفطية بالبصرة، وعموم الحقول العراقية من أجل الوقوف الجاد على ما يتعرضون له.

مواضيع ذات صلة

عن الأشياء التي تتهدم من حولنا 

الأردن تثمّن حملة الترحيب البصرية بالنشامى على أرض جذع النخلة

(استرجاع): إسرائيل وتابعها امريكا

رسالةٌ في الاشمئزاز

ثلاث عشرة ألف فرحة

ضرغام المالكي: وكيل وزارة يتقاضى 121 مليون دينار شهرياً