ثلاث عشرة ألف فرحة


طالب عبد العزيز

أدخلَ خبرُ الـ 13 ألف درجة وظيفية حكومية في مديرية التربية بالبصرة أمس ثلاث عشرةَ ألف(فرحة)على ثلاثة عشر ألف قلب، وثلاث عشرة ألف اسرة، وثلاثة عشر ألف زوج وزوجة وطفل، وصدحت الزغاريد في البيوت البسيطة، وهنأ هذا ذاك، وتوالت التهاني والتبريكات حتى مطلع الفجر. هناك قلوب تبهجها أخبار بسيطة، فهنيئاً لمن يدخل المباهج على القلوب.
ويقيناً فأنَّ آلافاً أخرين ممن لم تظهر أسماؤهم في قوائم التعينات باتوا ليلتهم حزانى، نادبين حظهم ويائسين، تقتلهم الحسرات… هكذا فعلت زوجة ابني، التي لم يظهر اسمها في قائمة الأسماء، ونصف حزين قلتُ لها: لا بأس بابا، ربما نجد فرصة أخرى، والحكومة المحلية لا تستطيع إيجاد فرص عمل لعشرات الآلاف من العاطلين، في المدينة الواسعة، بملايينها الأربعة. ولأنَّ قضية إيجاد فرص عمل لجيش العاطلين تتفاقم سنوياً، ويتعرض الكثير منهم الى ضغوط نفسية ومالية واجتماعية، وبينهم من تعرض للضرب والاهانة في مناسبة احتجاج يائسة أخرى، لكنها تسترعي انتباه المسؤول، الذي تعجزه الأسباب هو الآخر.
ولكي ندلو بدلونا في قضية شائكة، سنعترف بأنَّ العراقي يفضلُ دينار الحكومة على مئة دينار القطاع الخاص، وهذا متأت من فكرة الوظيفة والتقاعد في راسه، منذ تأسيس الدولة العراقية الى اليوم، فهو يبحث عن ضمان حياته لما بعد العجز والشيخوخة، لأننا بلا نظام اجتماعي، يؤمن حياة المواطن في شيخوخته وعجزه، المطلب الذي ظلَّ مرهوناً بالوظيفة الحكومية حصراً، أما المواطن خارج هذا التوصيف الحكومي فهو عرضة للعوز والفقر بعد عجزه عن تأدية عمل ما وشيخوخته. في العالم المتمدن، وغير المتمدن ايضاً حرصت الحكومات على تشريع أنظمة ضامنة لمواطنيها، سواء أكانوا عاملين في مؤسسات حكومية أو غيرها، وبذلك لم تعد الوظيفة الحكومية مطلباً وغاية وحلماً بحياة سعيدة.
مالم تجعل الحكومة من القطاع الخاص منافساً لها في الدرجات الوظيفية والرواتب وآلية الضمان والتقاعد لن تستطيع حسم أمرها مع جيش العاطلين الذي يتفاقم سنوياً، وأمر ذلك موقوف على تشريعات وقوانين تأخذ بنظر الاعتبار مصلحة المواطن قبل كل مصلحة واعتبار، ولأنَّ التشريعات الخاصة بالاستثمار والعمل الصناعي والتجاري والزراعي مرتجلة وغير مسؤولة، في بلدنا الى الآن، فضلاً عن الفساد المستشري في دوائر الجمارك والضريبة والمنافذ الحدودية والموانئ والمطارات يضاف الى ذلك أزمات الطاقة والكهرباء غير المستقرة، وكذلك الامر مع نظامنا المصرفي سيء السمعة، وطريقة التحويل المالي غير المستقرة على حال، وبصورة عامة يمكننا القول بأن الدولة العراقية بعامة بحاجة الى مراجعات كبيرة لإصلاح مؤسساتها كافة، وواضح أنها عاجزة لذا يتوجب عليها الاستعانة بخبرات الدول في اوروبا أو المجاورة مثل ايران والسعودية وغيرها.
ولأننا في حديث التربية والتعليم سنقول بأن واقع حال مدارسنا غير المتناسب مع الزيادة غير المخطط لها في عدد السكان يفشل أيَّ حلول مهما بالغنا بالتفكير والتخطيط لها. إذن نحن وقبل أي خطورة نقوم بها بحاجة الى برامج تستدعي تنظيم الاسرة، والحث على عدم الافراط في الانجاب، والاكتفاء بعدد معقول منهم ومتناسب مع المدخول السنوي للأسرة. علينا، كمؤسسات حكومية ومجتمع مدني إقناع شعبنا بأن لا خشية علينا من الانقراض، وأنَّ فكرة إنجاب سبعة وثمانية أولاد لا ضرورة لها، نحن بلد يعيش عالة على النفط، لا غير، وموارد مثل هذه قابلة للنفاد، ثم أننا لن نحارب بعد سلسلة حروبنا الفاشلة، وعلى الحكومة طمأنة شعبها وتثقيفه على الآلية الصحيحة في الحياة، بعيداً عن الارتجال والمغامرات، لكنَّ افكاراً كهذه بحاجة الى تفعيل القانون، ليشعر المواطن بأنه محميٌّ بقوة الدولة لا بكثرة الأولاد وعدد أفراد القبيلة.

مواضيع ذات صلة

(استرجاع): إسرائيل وتابعها امريكا

رسالةٌ في الاشمئزاز

ضرغام المالكي: وكيل وزارة يتقاضى 121 مليون دينار شهرياً

(استرجاع): من يحكم هذا العالم؟

نفذنا حملة تبرع بالدم..  صحة البصرة: ملاكاتنا كانت جاهزة للإسناد الطبي أثناء لقاء العراق وفلسطين

فتحوا منافذ التبرع.. بصريّون يطلقون حملة لتحويل جبل سنام إلى غابة عامرة