تكاد تكون محافظة البصرة، ثاني المحافظات العراقية بارتفاع معدلات الانتحار بعد العاصمة بغداد، وترجع لأسباب عديدة لكن أبرزها الوضع الاقتصادي المتردي بين شرائح بصرية، بالإضافة إلى الشعور باليأس، والمشاكل الاجتماعية والعاطفية.
وقال مدير مكتب حقوق الانسان في البصرة مهدي التميمي، أخيراً، إن “المحافظة تشهد، كمعدل يومي، حالتي انتحار أو محاولة انتحار”، مبيناً أنها “تتراوح بين الفشل في الدراسة، والحالة الاقتصادية، وتعاطي المخدرات، والمشاكل الاجتماعية، وغياب استراتيجية الدولة بالاحتواء، وغياب الإبلاغ عن الحالات، والفراغ الذي يعيشه الشباب، وغيرها من الأسباب”.
وأضاف التميمي، أن “معالجة الظاهرة تكمن في تعزيز آليات دمج الشباب في العمل وفي المجتمع، وتطبيق نظام رقابي للإبلاغ السريع عن هذه الحالات، فضلاً عن رصد حالات الشباب الذين لديهم ميول للانتحار والابلاغ عن ذلك، عن طريق القائممقاميات أو النواحي”.
وبحسب مراسل “مرفأ”، فأن “البصرة سجلت خلال شهر آب الجاري، 13 حالة انتحار، توزعت على مناطق وأحياء متفرقة”، مبيناً أن “أغلب الحالات نُفذت بطريقة الشنق، أو استخدام الرصاص، في حين أن آخرين اختاروا ابتلاع سم الفئران”.
وأضاف مراسلنا، أن “4 حالات انتحار سجلت لمراهقين لم تتجاوز أعمارهم 16 عاماً، وهو مؤشر جديد يعود لعوامل عدة، أولها غياب مراقبة الأهل لأبنائهم، وكذلك فقدان الشغف في الاستمرار بالحياة وتعاطي المخدرات، كما أن عاملاً آخراً أثر على نحو قليل، وهو الابتزاز الإلكتروني لبعض الفتيات”.
مهدي التميمي، أشار إلى أن “البصرة شهدت خلال الشهرين الأخيرين نحو 50 حالة بين انتحار ومحاولة انتحار”، لافتاً الى أن “الحالات في تصاعد، ولاسيما بعد عرض نتائج السادس الاعدادي الأخيرة، وأن نحو 150 حالة انتحار سُجلت منذ بداية العام الحالي ولغاية الآن”.
في السياق، قال محمد الزيداوي، وهو أحد وجهاء محافظة البصرة، إن “حالات الانتحار التي تحدث في المنطقة الجنوبية، وخاصة البصرة التي تعد من أغنى المحافظات من الناحية الاقتصادية، تعود إلى الانحرافات الدينية، مثل جماعة القربان التي تدفع الشباب نحو الانتحار”.
وأضاف الزيداوي، لـ”مرفأ”، أن “جماعة القربان تسببت بزيادة حالات الانتحارات، لا سيما وأنها ظهرت في المناطق الأشد فقراً”، مشيراً إلى أن “نسبة الانتحار التي سجلت بسبب القربان زادت عن 40 شاباً، وهو ما يدفعنا لمطالبة الحكومة بالتصدي لهذه الجماعة”.
من جانبه، بيَّن رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي، أن “ازدياد حالات الانتحار في البصرة، أسبابها تنسحب على بقية المحافظات العراقية، وهي الصدمات النفسية الجانب النفسي للأفراد والمشاكل الاسرية وتناول المخدرات والاستخدام السيء لوسائل التواصل وضعف الرقابة الأسرية”.
وأكمل الغراوي حديثه مع “مرفأ”، أن “كثيراً ممن يلجؤون إلى عديد من الأفراد، يواجهون البطالة والفقر والمشاكل الاقتصادية، كما أن للمخدرات دور كبير في زيادة الحالات، لا سيما وأن هذه المواد المخدرات تدفع نحو ارتكاب الجرائم أو إيذاء النفس”.
وسبق لوزارة الصحة، أن أعلنت أنه “منذ بداية العام الحالي 2024، تم تسجيل 291 حالة انتحار في العراق، وإحباط العشرات من حالات الانتحار، كما تنوعت الأسباب، لكن معظمها مشاكل عاطفية واقتصادية”.
وسجل العراق خلال العامين الماضيين أرقاما متفاوتة في حالات الانتحار وفقا لتقارير أصدرتها السلطات الأمنية، حيث سجل العام 2022 نحو 1100 حالة انتحار وفي العام 2023 سجلت البلاد، قرابة 1300 حالة، وهي أرقام عزتها وزارة الداخلية، إلى “الكثافة السكانية والوضع الاقتصادي والبطالة، فضلاً عن العنف الأسري والابتزاز الإلكتروني”.