(استرجاع): سطوة بغداد و«ألف ليلة»!

كاظم الحجاج

لم يكن عبثاً أن تصير بغداد-منذ تأسيسها-عاصمة الدنيا ومحجّة طلاب العلم والحكمة.
في حين كانت أوروبا تعيش في تخلف العصور الوسطى المظلم؛ حتى لا يزال المصريون الشعبيون يتحدثون عن(البغددة)؛ التي هي كناية عن الرفاه والثراء البغدادي.
..
وليس مصادفة أن يتجمع حكماء الأرض وعلماؤها؛ من الساعين الى الغنى والرفاه والشهرة في عاصمة الرشيد تلك! كما ليس مصادفة أن تلتقي حكمة الشرق كله في عاصمة المسلمين تلك وعاصمة الألف ليلة-والليلة الزائدة!-
..
ومدينة السلام تلك لم تكن مدينة سلام وأمان ورفاه؛ لو لم تكن الأقوى بين الأمم والممالك في زمانها ذاك؛ يحتمي بها الخائفون ويلوذ بها اللاجئون والمطلوبون؛ إذ لا أحد يجرؤ على أن يطال ساكنيها.
فهي دار قوة أولاً ودار أمان بالنتيجة. ويوم سعى الأوربيون المتخلفون-زمانذاك-الى الرفعة والمجد والغنى؛ فما كان أمامهم غير نموذج بغداد.
..

وكان اسم بغداد جواز مرور موثوق به عند الأوربيين في نماذج حكاياتهم. يورد الكاتب الكبير (سومرست موم) حكاية رمزية بلسان (الموت):
«قال الموت: كان ببغداد تاجر بعث بخادمه الى السوق لكي يشتري له مؤونته؛ فما لبث الخادم حتى عاد يرتجف وقال يا مولاي صدمني رجل في السوق؛ فالتفت لأرى من هو فاذا هو الموت!!؛ فحدق بي ثم أشار الي مهدداً..
فأرجو يا سيدي أن تعيرني جوادك امتطيه الى مدينة (سر من رأى) حيث لا يلحقني الموت!
فاعطاه التاجر جواده وامتطاه الخادم ومضى ينهب الأرض.

أما التاجر فعاد الى السوق؛ وشاهدني واقفاً بين الناس وأقبل علي وقال «لم هددت خادمي حين رأيته هذا الصباح؟» فقال: «لم تكن إشارتي إشارة تهديد وإنما كانت إشارة دهشة.. فلقد ادهشني أن رأيته ببغداد في حين أن موعدي معه في (سر من رأى) هذه الليلة-».
هل لاحظت كيف تلبّس (سومرست موم) العظيم لهجة الحكاية البغدادية؟؟!

مواضيع ذات صلة

عن الأشياء التي تتهدم من حولنا 

الأردن تثمّن حملة الترحيب البصرية بالنشامى على أرض جذع النخلة

(استرجاع): إسرائيل وتابعها امريكا

رسالةٌ في الاشمئزاز

ثلاث عشرة ألف فرحة

ضرغام المالكي: وكيل وزارة يتقاضى 121 مليون دينار شهرياً