كاظم الحجاج
هذه حكاية أسطورية من عراق الثلاثينات؛ رواها سكرتير الملك غازي-رحمهما الله-؛ يوم كان غازي ولياً للعهد في أثناء حكم والده المرحوم فيصل الأول.
كان غازي فتى يافعاً؛ شديد الحيوية وروح الشباب، لذلك قرر الملك الأب أن يتربى وليُ عهده تربية عسكرية رجولية؛ فاتصل الملك بآمر الكلية العسكرية؛ طالباً إلحاق ولده بالكلية.
وقال له «أريد أن ينتسب غازي الى كليتكم على أن تعاملوه كغيره من دون تمييز!»؛ بل أن الملك الأب أصرَّ على أن تُزال كل مظاهر الرفاه التي كان يحظى بها المنتسبون السابقون من قبل! لان شروط القبول نفسها هي التي أهلت غازي لا غيرها!
لذلك صار قبول ابن الملك نحساً على الطلبة الذين كانوا مرفهين! فقد صدرت أوامر جديدة بأن يقوم الطلاب-الضباط بصبغ أحذيتهم بأنفسهم؛ بعد أن كان يصبغها لهم جنود!
كما مُنعوا من احضار الطعام من بيوتهم؛ وكان التفتيش مشدّداً في باب المدرسة العسكرية؛ حتى صُودر طعام جلبه غازي من بيته سراً!
يقول الراوي؛ الذي كان تلميذاً في المدرسة نفسها وصار صديقاً لولي العهد ثم صار سكرتيراً لغازي الملك: «ذات يوم حملتُ رسالة من الملك الأب إلى آمر الكلية يوصيه خيراً بحاملها.
وبعد أن اكتمل الاصطفاف الصباحي صاح معاون آمر الكلية بصاحب الرسالة وبالتلميذ غازي فيصل: أن يتقدما خطوة للأمام!
فتقدما خائفين!
ووجه كلامه الى الطالب حامل الرسالة: «لولا أنك طالب جيد لفصلتك نهائياً من الكلية العسكرية؛ ولهذا فانت مفصول لما تبقى من العام الدراسي هذا!» .
ثم التفت المعاون الى التلميذ غازي فيصل وقال له: «قل لسيدنا الملك: إن الطلاب لدينا سواسية!!».
كان هذا في عراق الثلاثينات!