مقهى المعتزلة

كاظم اللايذ

مقهى الأدباء، محلة البجاري، العشار.

في عَتَمةِ زقاقٍ
يتسلّلُ من تجاويفِ أمعاء محلّةِ (البجّاري ) إلى نهر العشار
يقعُ ، ( مقهى المعتزلة ) .
…..
المقبلونَ عليه , مثلُ المدبرين منه
يحملونَ كتباً
وصحفاً , يدسّونها في جيوبِهم الجانبية .
……
زبائنُ مقهى المعتزلة
واحدٌ من ثلاثةٍ :
سجينٌ سابق .
أو معلّم متقاعد
أو مغتربٌ
شدّهُ الحنينُ
فجاءَ ليطمئنَ
على ما بقيَ له في وطنه من أشلاء الذكريات …
الصورُ المزدحمةُ بالأكتافِ على جدرانهِ
هي صورٌ
لمن كانوا يجلسون هنا
على أرائكهِ الخشبية
ثم انتقلوا ليجلسوا على الجدران …
مقهى المعتزلة
لا ينسى روّادَه
حتى وإن تخطّفهم الموت .
…..
لم يعد روادُه – مثلَ أسلافهم –
يخوضونَ في مسائل المعتزلةِ الأولى :
مثل : (خلق القرآن )
أو (مرتكب الكبيرة )
أو يتجادلون في حقيقة اللغة
أَهي ( تفويضية ) ؟ من صناعة السماء .
أم ( اصطلاحية) ؟ من صناعة الأرض .
انهم منغمسون الآن
في مشكلات عصرهم
بعد أنْ أشبعهم سلاطينُ الدهور
فتكاً وإلغاءً.
ورجموهم بالجمراتِ
كما يُرجمُ الزنادقة .
….
مقهى المعتزلة
أولُ من تنبَّـه الى مكائد (الأمريكان )
وأسقطَ أكذوبَتهم : ” جئنا محررين لا محتلين “
وأعلن على رؤوس الأشهاد :
أنّ (البنتاغون) لا يُقدم خدمةً لأي مظلومٍ
من غير ثمن ..
والحرب العالمية الرابعة عندهم
هي أخبث ما اخترعته الـ CIA لاستعباد البشر :
انها الحرب من غير سلاح :
يجد المتورّطُ فيها نفسه جندياً
في خدمة أعدائهِ
مستبسلاً في قتل نفسه بنفسه
وهو لا يدري .
…..
المتّكئونَ على أرائكِ المقهى
يسألون الآن
– بعد أن هدأ الضجيج وانتهى موسم الحصاد .
وذهبتْ (خزينة العراق)
للاستجمام في بنوك (واشنطون) بحراسة الشيطان – :
هل كنّا على حقّ ؟
يوم أنْ ابتسمْنا لدباباتِ الغزاة .
واستقبلناها بالزهور؟
هل كنّا وقتها طيبين مخدوعين
ووطنيين ساذجين
لا نفكرُ إلاّ بتفّاحة الخلاص
أم كنا ، خونةً – حقاً – و بسابقٍ من الإصرار ؟.
….
في كلّ ليلةٍ
يغلقُ مقهى المعتزلةِ بابَه
على هذهِ الأسئلة .
وعلى هذه الأسئلةِ ، أيضاً
يفتحُ بابه في اليوم التالي . 

مواضيع ذات صلة

البصرة تستعيد تأريخها الملاحي في شط العرب

منتسبون عبر “مرفأ”: إجازاتنا مُغتصبة بكل مناسبة.. ولم نحصل على أي امتيازات

بـ٥٠ خطأً إملائياً ولغويّاً.. قصر “الثقافة والفنون” يناشد السوداني

العامري يحشّد أهالي البصرة للتعداد: سيُزيد فرص التعيين والرعاية والخدمات

لا أحد على رملة الفاو 

“ضغطة الزر المهمّة”.. ماذا يعني افتتاح الأرصفة الخمسة في ميناء الفاو؟